خندق ماريانا-اعمق نقطة على سطح الارض

خندق ماريانا

 "خندق ماريانا"

"أعمق نقطة على سطح الأرض"

الإنسان دايمًا شغوف لاكتشاف العالم، ومعرفة خباياه، اتخلق بالشكل ده، عنده فضول دائم لزيادة المعرفة، وقدر مع الزمن يعرف حاجات كتير، ويصنع أشياء تساعده على معرفة الكون.

سافر عبر الفضاء، غطس في المحيطات، تسلق الجبال، شرَّح حيوانات، كشف معلومات كتير عن التاريخ، عرف شكل وهيكل حيوانات انقرضت من آلاف السنين!

ومن ضمن اكتشافاته، كان عنده حلم إنه يعرف أعلى نقطة على كوكب الأرض، وقدر يوصل لجبل إيفريست، اللي ارتفاعه بيصل لـ8848 متر، ولكن مكنش عنده الإمكانيات الكافية اللي تمكنه من اكتشاف أعمق نقطة على سطح الأرض!

تخيل معايا إنك لابس بدلة غطس، ونزلت غطست في المحيط، بتحس بضغط غريب في جسمك، وبتحس بعدم اتزان، وإن جسمك هينفجر، لأن ضغط المياه كل ما العمق زاد بيكون صعب جدًا تحمُّله، حتى لو على سفينة غطس.

ولكن مع الوقت قدر الإنسان بالعلم والتكنولوجيا إنه يكتشف أعمق نقطة على سطح الأرض، وهي خندق ماريانا، وعلشان تتخيل مدى عمق الخندق، تخيل معايا إننا خدنا جبل إيفريست وغرقناه في الخندق، عارف هيحصل إيه؟! الجبل كله هيتغرق وهيفضل مساحة 2 كيلو متر مياه فوق!

المساحة مهولة، ومرعبة، ومن الصعب جدًا حد يقدر يبلغ نهايتها!

تخيلت مدى العمق اللي هاخدك معايا فيه، جاهز بسفينة الغطس بتاعتك علشان نكتشف مدى عظمة الكون والخالق؟!

قبل ما نبدأ، تعالى الأول اعرفك بنفسي من جديد.

-

ازيك يا صديقي، عامل إيه؟! يا ترى لسه فاكرني؟! أنا الكاتب محمد صاوي اللي دايمًا بقولك على معلومات غريبة!

اتمنى تكون افتكرت، لأن النهارده يوم مميز، يوم مختلف عن كل الأيام، جاي اخطفك، هسرقك من العالم، هاخدك معايا في رحلة عميقة، رحلة بتبلغ عمقها لـ11 كيلو متر!

والمكان العميق ده، المرعب، المليء بالكائنات المرعبة، واللي لحد دلوقتي مش عارفين نكتشف معظمها، هو خندق ماريانا، منخفض عميق جدًا في قاع المحيط على شكل حرف "V"، مكانه في غرب المحيط الهادي بالقرب من جزر الماريانا، اللي يُقال إنه اتكون من تحركات الصفائح التكتونية نتيجة للزلازل على مر التاريخ، ويُقال إن الخندق عمره أكتر من 170 مليون سنة، وده بيرجح إنه أقدم مكان وأعمق مكان على سطح الأرض!

خلي بالك، احنا هنا في أعمق نقطة على سطح الأرض، أكتر مكان مظلم اتخلق!

خلاص؟! عرفت إنتَ هنا ليه؟! إنتَ هنا علشان تسافر معايا لقاع المحيط، أعمق نقطة اتخلقت، ونكتشف قد إيه المكان ده مرعب!

قبل ما نبدأ، هقولك وافكرك زي كل مرة، إنتَ في إيد أمينة، إيد الكاتب محمد صاوي، متقلقش، هرجعك تاني، بعد ما تتشبع بكم المعلومات اللي قدرت اجمعها، وحبيت اشاركها معاك.

مشروبك المفضل، فضي عقلك، واستمتع.

-

تاريخ اكتشاف فندق ماريانا

قبل ما نكتشف خندق ماريانا كان لنا اكتشافات عظيمة وعميقة في المحيطات، زي اكتشاف المحيط الشمالي المتجمد، والمحيط الأطلسي، والمحيط الهندي، والمحيط الهادي.

وقدرنا مع الوقت نعرف أعمق النقط اللي في المحيطات على الأرض، زي حوض أوراسيا في المحيط الشمالي المتجمد وده عمقه 5450 متر، وخندق جافا في المحيط الهندي عمقه 7725 متر، وخندق بورتو ريكو في المحيط الأطلسي وده عمقه 8648 متر.

ولحد وقت قريب كنا فاكرين إن أعمق نقطة على سطح الأرض هو خندق بورتو ريكو، لحد ما قدرنا نكتشف خندق ماريانا اللي في المحيط الهادي وبيبلغ عمقه لـ11033 متر!

بداية من سنة 1872م حتى سنة 1876م، خرجت سفينة بريطانية اسمها "Hms Challenger" لمدة أربع سنين، علشان تكتشف أعمق النقاط في المحيطات، ولكن وقتها الإمكانيات البشرية كانت ضعيفة، ولذلك كانوا بيستخدموا حبل ضخم مربوط في آخره قطعة حديدية، ومكتوب عليه علامات القياس، وكانت الطريقة البدائية اللي بنملكها وقتها إننا ننزل الحبل ده لحد ما الحديدة تخبط في القاع، ومن هنا نعرف مدى عمق النقطة دي!

لحد ما وصلت السفينة لمكان قريب من جزر الماريانا، وقررت تقيس العمق فيه، بدأوا ينزلوا الحبل، ولكن الغريب إنه مكنش بيقف، فضل ينزل وقت طويل جدًا، والطاقم كان مُصاب بالفزع، لحد ما ضرب القاع بعد ما نزل 8000 متر كاملين!

الاكتشاف ده قلب العالم، وبدأت تساؤلات تدور حوله، يا ترى عمق بالشكل ده فيه كائنات عايشة جواه؟!

كائنات قادرة تتحمل الضغط المهول ده؟!

ولو موجودة أكيد هتكون كائنات أسطورية ووحوش بحرية علشان تعرف تعيش في الأجواء دي!

ولكن للأسف كانت أدواتنا ضعيفة وقتها لاكتشاف إذا كان فيه مخلوقات ولا لا!

ومن هنا كانت بداية مولد علم المحيطات الحديث، وكان اكتشاف الخندق لأول مرة، واتغير تفكير البشرية تمامًا عن شكل أعماق المحيطات!

كيفية اكتشاف فندق ماريانا

سنة 1951م، قدروا إنهم يصنعوا سفينة تانية ولكن بإمكانيات أعلى من اللي فاتت، وكانت نفس نوع السفينة، وأطلقوا عليها اسم "Challenger 2"، وبعتوها للخندق علشان تكتشف مدى عمقه، ولكن المرة دي زودوها بأمواج السونار ودي بتُستخدم لقياس عمق المحيط بدقة أعلى، وبالفعل قدروا يوصلوا تقريبًا لعمق الخندق، وقدروا العمق بـ11 كيلو متر، واطلقوا على المكان اسم "Challenger Deep" على اسم السفينة اللي اكتشفت المكان لأول مرة، وقدرت تقيس عمقه لتاني مرة، وتكريمًا ليها.

واكتشفوا كمان إن الجزئية اللي اكتشفوها أول مرة عبارة عن جزء من خندق بيوصل طوله لـ2550 كيلو متر، وعرضه 56 كيلو متر، متخيل معايا مدى حجم الخندق؟!

ولكن للأسف يا صديقي لحد اللحظة دي مقدروش يغطسوا في الخندق، ويحاولوا يوصلوا للعمق بتاعه بأنفسهم، ويكتشفوا إذا كان فيه مخلوقات عايشة ولا لا، أيًا كان علم الإنسان فهو في النهاية بشر، بيخاف على حياته وروحه، تخيل معايا وجودك في قلب عمق بحري بيوصل لـ11 كيلو متر، في قلب الظلام، بتحاول تكتشف إذا كان فيه مخلوقات ولا لا، ومن الممكن يكون فيه مخلوق ضخم ومرعب يلتهم الغواصة بتاعتك ومتقدرش تخرج!

ولكن الإنسان دايمًا عنده شغف لمعرفة المزيد، حتى لو على حساب حياته..

سنة 1958م، قدرت السفينة السوفيتية "VTS" تكشف عن وجود حياة بحرية ومخلوقات بتعيش في المحيطات على عمق بيوصل لـ7000 متر تحت سطح المياه، أسماك وكائنات عجيبة غير معروفة للبشرية وقتها، وأطلقوا عليها اسم "وحوش البحر".

ولكن العلماء ماكتفوش بالاكتشاف ده، وكان لازم حد يغطس للخندق ويسجل وجود الكائنات بنفسه، وكان من الصعب الغوص في العمق ده بسبب إن الضغط بيكون أعلى 1000 ضعف الضغط اللي موجود على السطح!

سنة 1960م، العالم السويسري (جاكيس كارد) ركب على متن الغواصة "Trieste"، وخرج لحملة استكشافية في المحيط، والغواصة دي لها القدرة على تحمل الضغط العالي في أعماق المحيط، والغوص لمسافات كبيرة بدون التأثر.

وصل لخندق ماريانا، وقرر إنه يغوص فيه لحد ما يوصل للعمق، واستغرقت منه الرحلة 5 ساعات كاملة بيحاول فيها يوصل للقاع، وبالفعل نجح في الوصول لعمق 11 كيلو متر، ووقف بالغواصة لمدة 20 دقيقة كاملة، وبدأ الباحثين في محاولة البحث عن كائنات حية، وبالفعل توصلوا لنتيجة إن بالرغم من العمق المهول ده إلا إن فيه كائنات عايشة في المكان!

لحد دلوقتي الموضوع طبيعي، مفيش حاجة مريبة، خندق عميق يُعد من أهم الاكتشافات اللي قدر يوصل لها الإنسان، فيه كائنات بحرية، ولكن المريب فعلًا لو الكائنات دي اختلفت عن اللي موجودة في جميع المحيطات، كائنات قادرة تتحمل الضغط المهول ده وتعيش وتتعايش وتتغذى وتكبر، زي مثلًا قرش الميجالودون، اللي استُخدم في فيلم "The Meg" للممثل (Jason Statham)!

ولكن الغريب فعلًا إن بعد سنين من بعثة (جاكيس كارد)، تم الكشف عن معلومات بخصوص الرحلة، وكان من ضمن المعلومات دي إن أثناء مهمتهم في الكشف عن الخندق، كان فيه مخلوق ضخم على شكل اسطوانة دائرية كان بيتبع الغواصة وبيتحرك حواليها كأنه بيراقبها!

وأول ما عرفوا بوجوده، اختفى من المكان وماحدش قدر يحدد ماهية الكائن ده، وقال بعض العلماء إنه من الممكن يكون من حضارة مائية غير معروفة للبشرية، أو كائن منقرض من سنين طويلة!

سنة 1985م، خرجت السفينة "Glomar Challenger" في رحلة استكشافية لمعرفة المخلوقات المتواجدة في خندق ماريانا، واللي حصل كان غريب جدًا ومقبض!

الباحثين استخدموا مسبار وده بيكون غواصة صغيرة بتنزل المكان بدون راكب لاستكشافه-، نزلوه الخندق بأسلاك فولاذية وجهاز تسجيل علشان يسجلوا الأصوات المتواجدة تحت، وبالفعل وصل المسبار لمسافة 10000 متر، وكانت المفاجئة إن المسبار بدأ في تسجيل أصوات غريبة جدًا، والمرعب إن الأسلاك الفولاذية اللي نازل بيها المسبار بدأت تتسحب بطريقة غريبة، وكأن فيه كائن بيحاول يسحب المسبار تحت، وفضلوا 3 ساعات كاملين بيحاولوا يخلصوا المسبار من فك اللي بيسحبه!

وبعد نجاحهم في سحبه، بعد تقطيع بعض الأسلاك الفولاذية، وكانوا على وشك يفقدوا المسبار، كانت الصدمة الحقيقية في إنهم لقوا آثار وعلامات أسنان على المسبار، كأن كان فيه كائن بحري ضخم جدًا بيحاول التهامه!

اكتشافات غريبة

ولما الفريق رجع صرح وقال إن اللي حصل للمسبار سببه إنه علق دون قصد بين الصخور، وكانوا بيحاولوا يخرجوه، ولكن بعض العلماء والباحثين خرجوا وقالوا إن الطاقم بيكدب!

وصرحوا وقالوا إن آثار الأسنان دي والقوة المهولة اللي تسببت في قطع الأسلاك الفولاذية مينفعش يتسبب فيها غير قرش الميجالودون، وده نوع من أنواع القروش العملاقة المنقرضة من 3 مليون و600 سنة! وبيوصل طوله لـ22 متر، ووزنه 45 طن، يعني كائن بيشبه في تكوينه عمارة مكونة من 7 أدوار، وله شكل توضيحي تحت في المقال!

تخيل معايا كائن بالشكل ده عايش على الكوكب، واحنا منعرفش عنه حاجة، وتخيل إننا اكتشفناه بالصدفة، ومن الممكن يكون فيه كائن أضخم منه!

علماء الأحياء فيما بعد قالوا إن اللي تسبب في الواقعة دي قرش الميجالودون، نظرًا لحجم آثار الأسنان على المسبار، وده لأنهم اكتشفوا قبل كده سن عملاق بحجم إيد إنسان بالغ، ولما أجروا عليها الفحوصات لاكتشاف الكائن الحامل ليها توصلوا إنها ملك لقرش الميجالودون، وحجمها بيتناسب مع حجم الآثار اللي موجودة على المسبار، وقالوها صراحةً إن قرش الميجالودون حاليًا موجود في خندق ماريانا!

بعد كام سنة حصلت حادثة غريبة جدًا..

كان فيه سفينة بضائع يابانية بتمر بالقرب من خندق ماريانا، فجأة شيء خبطها من الجنب وقلب السفينة بكل سهولة في المياه، والأحوال الجوية كانت مستقرة جدًا ومكنش فيه صخور في المكان، وده زود حيرة العلماء أكتر!

بعد الحادثة بكام سنة اليابان قررت ترسل مركبة عن بعد للوصول لأعمق نقطة في الخندق، وبالفعل كشفت عن أكتر من 350 نوع من المخلوقات البحرية عايشة في قلب الخندق، ورحلة الاستكشاف استغرقت من سنة 1995م لسنة 2003م، يعني 8 سنين كاملين!

سنة 2017م، فيه رجل أعمال اسمه (فيكتور فيسكوفو) عنده 52 سنة، وده شخص عنده شغف الاكتشاف والمعرفة، قرر إنه يعمل بعثة ويطلق عليها "بعثة الأعمال الخمسة"، وقرر يكتشف فيها أعمق 5 مناطق على سطح الأرض، ومنها قدر يوصل لمنطقة "Challenger Deep" أو "خندق ماريانا"!

وبالفعل قرر (فيكتور) إنه يغوص في قلب الخندق لوحده، غير مهتم بالمخاطر اللي ممكن تواجهه، وفضل أربع ساعات بيغوص، وقدر إنه يرصد عدد كبير من المخلوقات البحرية الحية في قلب الخندق، وتم توثيق رحلته على قناة "ناشونال جيوغرافيك"، وفيها قدر يتوصل إنه يكتشف أنواع غريبة من المرجان وقنديل البحر وكائنات عجيبة ملهاش وجود في المحيط العادي!

وقدر (فيكتور) إنه يسجل رقم قياسي لأعمق غوص فردي في التاريخ بعد الرقم اللي قدر يسجله (جيمس كاميرون) مخرج فيلم "تايتانيك"، وعرض الرحلة الخاصة بيه في فيلم وثاقي وسماه "Deep sea challenge"!

لحد وقتنا هذا العلماء مقدروش يثبتوا وجود كائن بحري أسطوري في الخندق، لأنهم ببساطة مقدروش يصوروا حاجة زي دي ويعرضوها، وبينهم تضارب كبير دلوقتي على وجود قرش الميجالودون من عدمه، ولكن الفئة الأكبر بترجح وجوده وعدم انقراضه!

العالم غريب يا صديقي، مرعب، ومليء بالاكتشافات، والإنسان مهما بلغ من الحياة على كوكب الأرض وحاول يتوصل لاكتشافات هيفضل ضئيل، وصغير جدًا أمام عظمة الخالق، تخيل معايا لو الحياة للبشر مقدرة مثلًا بـ20 ألف سنة، في المدة دي كلها الإنسان قدر يخترع ويكتشف ويسافر للفضاء، ويحاول يوصل لكل خبايا الكون، وقدر بالفعل يوصل لأشياء تغيب بسببها العقول، ولكن مهما وصل، مش هيقدر يعرف كل حاجة، ولا هيقدر يوصل لمدى عظمة الخالق، لأنك في النهاية، هتفضل ضئيل!

وفي نهاية المقال اتمنى تكون استمتعت بالرحلة واكتشاف النهارده، كان معاك الكاتب محمد صاوي، ومتنساش، هنتقابل في اكتشاف تاني قريب.

قرش الميجالودون

المصادر:

https://www.bbc.com/news/science-environment-48230157

https://www.nationalgeographic.org/activity/mariana-trench-deepest-place-earth/

الكاتب محمد الصاوي

http://www.deepseachallenge.com/the-expedition/mariana-trench/

#الكاتب محمد صاوي!

***********************

***********************